سعد الإنسان عند سماعه لصوت جميل، أو عند رؤيته لآية من آيات الجمال سواء كانت مخلوقة من الله – عز وجل -، أم كانت مصنوعة ابتدعها البشر فكانت من نتاج عقولهم وقلوبهم معاً، فالفن هو الإبداع وهو الجمال المتجسد بشكل مادي، فلا يمكن أن تصنف الأعمال البشرية على أنها فن من الفنون سواء المرئية أم المسموعة أم الملموسة، إلا إن كان الجمال صفتها الغالبة عليها، فالإنسان يحتاج لوجود الجمال في حياته، وهو بالتالي يحتاج للفن أيضاً الذي هو الطريق إلى الجمال وإلى الراحة النفسية العجيبة. فلا يمكن أن يطلق مصطلح الفن على زعيق من يدعون أنفسهم بالمطربين أو على حماقة من يدعون نفسهم بالممثلين الفنانين الذين يسعون فقط لجني الأرباح وزيادة ثرواتهم عن طريق هذه العقول وإبادة الأرواح بنشرهم ثقافة الجهل أو التجهيل في المجتمع. الموسيقيون والأدباء والرسامون والشعراء والسينمائيون وغيرهم، كل واحد من هؤلاء يستطيع خلق الفن الخاص به، فالموسيقي يغني أرواح من يستمعون إلى موسيقاه، والأديب يغني الخيال عند المتلقي، أما السينمائي فيستطيع عن طريق فنه أن يعمل على إغناء العين والروح والأذن لدى من يشاهد الفيلم، إضافة إلى أن الفيلم يستطيع يدخل إلى العقل خصوصاً إذا كان الفيلم يتمحور حول موضوع فكري مطروح في القديم أو الحديث مما يجعل المشاهد في قمة تفاعله مع ما يشاهده فالفيلم أداة سحرية عجيبة من نوعها. إن تواجد الفنون في حياة الجماعات، هو بالقطع ظاهرة صحية وجميلة تشير إلى ثقافة المجتمع ونوعيته واهتمامته التي ينصب تفكيره عليها، حيث أن الفنون تعمل على اطمئنان النفوس وسكونها، وراحة العقل من عناء التفكير في القضايا المختلفة، خصوصاً عندما تكون هذه الفنون مربوطة بالنواحي الروحانية والوجدانية، فالموسيقى الصوفية على سبيل المثال تنقل الإنسان من عالم إلى عالم آخر ملئ بالروحانيات مما يعطيه طاقة عجيبة وقدرة على البقاء والمقاومة. وظهور الانحرافات المسلكية والخلقية والتطرف في مجتمعاتنا قد يكون إحدى أسبابه انعدام الفنون التي تهذب النفس من مجتمعاتنا عن طريق تحريمه على أيدي من يسلبون الناس حرياتهم كعلماء الدين ومن والاهم من رجال السياسة. فغياب الفنون من حياة الناس يفقدهم الإحساس بالجمال، وفقدان الإنسان للإحساس بالجمال هو مدعاة قطعاً إلى العنف وطغيان الحياة المادية على الحياة، ودمار النفسيات وتحطمها، و غياب الأخلاق القويمة الحسنة التي تساعد على الارتقاء بالمجتمعات والنهوض بها، وتحسين الذائقة العامة عند المجموع، وزيادة الحب والعلاقات الاجتماعية بين الناس.
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق